في كل حرب، هناك من يقرر، وهناك من يدفع الثمن، أرواح تسلب، وأحلام تغتال، وآمال تدفن تحت ركام الصراعات، هؤلاء هم الفقراء، الذين لا يعرفون من الحروب سوى الألم والفقدان، هم أول من يجبرون على دفع الثمن الباهظ، بينما تتخذ القرارات في غرف بعيدة ومغلة، حيث يظل السياسيون بعيدين عن الواقع المرير الذي يعيشه هؤلاء.
الفقراء، هم أول من يعاني من تداعيات الحروب، هم من يعيشون في خنادق الجوع والقتال، وهم من يواجهون آثار تداعي الأزمات، حيث تتحول حياتهم إلى سلسلة من المعاناة المستمرة، بين فقدان الأمل وضياع الأمن، بينما ينشغل السياسيون في صفقات ومفاوضات قد تكون بعيدة عن واقعهم، لا تحمل لهم سوى المزيد من الفقر.
من هذا المنطلق، يمكننا القول، أن الحرب ليست مجرد معركة بين جيوش وأيديولوجيات، بل إنها معركة ضد الإنسانية ذاتها، تلتهم المجتمع، وتجعل من الفقراء وقوداً لصراعات لا شأن لهم بها، حيث إنهم لا يقاتلون من أجل سلطة أو نفوذ، بل من أجل الحياة نفسها، ورغم ذلك، تظل أصواتهم خافتة، وكأن معاناتهم مجرد إحصائية في تقرير بعيد لا يجدي.
لذلك، يجب أن نتوقف هنا ونسأل: كيف يمكن أن تظل السياسة بعيدة عن هذا الواقع؟ وكيف يمكن للعالم أن يتجاهل الألم الذي يعيشه هؤلاء الذين لا يملكون إلا أجسادهم وأرواحهم في معركة ليس لهم فيها نصيب؟ ... لا يمكن للسلام أن يبنى على دماء الأبرياء، ولا يمكن للعدالة أن تتحقق على حساب معاناة الفقراء.
الفقراء، يستحقون أكثر من أن يكونوا ضحايا الحروب، يستحقون أن تسمع أصواتهم، وأن ينصفوا في عالم تدير فيه السياسة مصالحها، بينما تبتلع الحروب أحلامهم، يجب أن نعيد للسياسة جوهرها، ونضع الإنسان أولًا، لأن الحروب لا تنهي الصراعات فحسب، بل تدمر حياة أولئك الذين لا حول لهم ولا قوة.
في النهاية، لا يمكننا أن نغض الطرف عن هؤلاء الذين يدفعون الثمن الأكبر، فهم ليسوا مجرد أرقام، بل هم القصص التي يجب أن نسمعها، والأمل الذي يجب أن نحارب من أجله، فالفقراء، هم أبطال الحياة الذين لا يحتاجون إلى سلاح سوى الحق، وأصواتنا جميعاً يجب أن تكون سلاحهم الوحيد.