آخر تحديث :الخميس-20 فبراير 2025-07:01م

الفساد وتقاطع المصالح.. مأزق اليمن بين الداخل والخارج

الثلاثاء - 18 فبراير 2025 - الساعة 11:40 ص
ماهر باوزير

بقلم: ماهر باوزير
- ارشيف الكاتب


منذ سنوات، أصبحت اليمن ساحة لتجاذبات سياسية معقدة، حيث تتداخل الأزمات الداخلية الناجمة عن الفساد المستشري مع المصالح الخارجية التي تفاقم الوضع بدلاً من أن تساهم في إيجاد حلول، فالوضع الحالي ليس مجرد نتيجة لصراعات سياسية داخلية، بل نتاج لعوامل متشابكة تشمل الفساد الإداري والمالي والتدخل الخارجي المتكرر لتحقيق مصالح إقليمية ودولية .

اليمن يعاني من فساد يتغلغل في جسد الدولة على جميع المستويات، بدءًا من التفاصيل الصغيرة التي تُصرف الأنظار عنها حتى تتحول إلى ظواهر خطيرة وممارسات يومية راسخة، هذه التجاوزات الصغيرة تراكمت مع الوقت لتصبح شبكة متكاملة تعوق أي محاولات للإصلاح أو التنمية، القوى الداخلية المهيمنة تعمل على تعزيز مصالحها من خلال تعيين شخصيات غير كفؤة في مناصب قيادية، وتستخدم هؤلاء لتأمين تمرير أجندات شخصية بعيدًا عن مصالح الشعب .

هذا الواقع أدى إلى شلل مؤسسات الدولة، وتعطيل أي تقدم اقتصادي أو اجتماعي، وزيادة الفقر والبطالة، وما يزيد الوضع سوءًا هو أن هذه الشبكة من الفساد لم تُبْنَ بشكل عشوائي، بل تمت وفق تخطيط ممنهج يعزز الهيمنة ويعطل أي جهود حقيقية للإصلاح .

أما على الصعيد الدولي، فالصمت الإقليمي والدولي إزاء الوضع اليمني يعمّق الأزمة، القوى الكبرى التي تراقب المشهد لا تبدو مهتمة بتغيير حقيقي، بل تستفيد من حالة الفوضى لترسيخ نفوذها ومصالحها، الأمم المتحدة والدول الكبرى تكتفي غالبًا بإصدار البيانات دون اتخاذ إجراءات فعلية للضغط على الأطراف المحلية، هذه اللامبالاة الدولية تُعد عاملاً رئيسيًا في استمرار الفساد وانعدام الاستقرار، مما يترك الشعب اليمني في مواجهة مصيره وحيدًا .

في ظل هذا الواقع، تستفيد القوى الداخلية من تحالفاتها مع الفاسدين لتعزيز نفوذها السياسي والاقتصادي، بينما تستغل القوى الخارجية الفوضى لفرض مصالحها على حساب مصلحة اليمنيين، هذا التشابك بين المصالح الداخلية والخارجية يمنع أي تحول حقيقي نحو الإصلاح، ويجعل البلاد عالقة في حلقة مفرغة من الاستغلال والوعود الزائفة .

التغيير في اليمن لن يتحقق من خلال شعارات جوفاء أو تظاهرات عابرة، التغيير يتطلب خطوات جذرية، تبدأ بإعادة بناء مؤسسات الدولة على أسس النزاهة والشفافية، مع تعيين قيادات مؤهلة قادرة على مواجهة التحديات، كما أن المجتمع الدولي مطالب بتغيير سياسته الحالية وتبني مواقف أكثر وضوحًا وصرامة لدعم إصلاح حقيقي بعيدًا عن المصالح السياسية .

وفي نهاية المطاف، إذا استمر التغاضي عن التفاصيل الصغيرة التي تؤسس للفساد الكبير، وإذا لم يتم مواجهة المصالح المتشابكة بين الداخل والخارج بجدية، فإن اليمن سيظل في مأزقه الطويل، وسيبقى السلام والاستقرار مجرد حلم بعيد المنال .