آخر تحديث :السبت-22 فبراير 2025-08:32ص
ملفات وتحقيقات

في ذكراها الـ 7.. اللواء البحسني القائد العسكري الشجاع الذي وضع العنوان البارز في الحرب على الإرهاب (تقرير)

الأربعاء - 03 مايو 2023 - 06:04 م بتوقيت عدن
في ذكراها الـ 7.. اللواء البحسني القائد العسكري الشجاع الذي وضع العنوان البارز في الحرب على الإرهاب (تقرير)
تقرير/ ناصر عوض لزرق:

يومُ لا ينساه أبناء حضرموت ويجعلونه من الأيام العظيمة التي خلدها شهداء حضرموت في سبيل تحرير محافظتهم من كابوس التنظيمات الإرهابية، حيث بقيت هذه المناسبة الخالدة في الوجدان الحضرمي.. الذكرى السابعة لتحرير مدينة المكلا، حاضرة حضرموت، هو اليومُ العظيم الذي خلصهم من قبضة تنظيم القاعدة الإرهابي في 24 أبريل 2016م، ودحره صاغراً منكسراً بعد أن سيطر على المدينة لعامٍ كامل، ظل خلاله يعبث بأرواح وحياة أبناء حضرموت وينهب خيراتها وثرواتها ويبسط على مواردها وبنوكها، ويعطل الحياة العامة في مرافق ومؤسسات الدولة. 

24 أبريل ذلك اليوم العظيم والحدث التاريخي الكبير الذي يحتفي به أبناء حضرموت ليتذكروا من خلاله التضحيات الجليلة لأبنائهم الذين قدموا أرواحهم رخيصة ورووا بدمائهم الزكية تراب حضرموت قربانا لعزتها وكرامتها، أولئك الأبطال الذين تقاطروا من أنحاء المحافظة للانخراط والالتحاق بمعسكرات التدريب لقوات النخبة الحضرمية ليؤدوا واجبهم الوطني لتحرير أراضي حضرموت من رجس تنظيم القاعدة الإرهابي، بدعم مادي ولوجستي من الأشقاء في دول التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، والذي أسهم بشكل فاعل في تحقيق النصر المبين على تلك العصابة الإرهابية المنبوذة، لتؤكد حضرموت للعالم أنها شريك فاعل في الحرب التي تقودها البشرية في كل أرجاء المعمورة ضد الإرهاب أياً كان انتماؤه أو مصدره، مقدمة في سبيل ذلك كوكبة من أبنائها شهداء وجرحى وضعوا العنوان البارز والعلامة المضيئة في تاريخ وتجربة الحرب على الإرهاب، والذين كانت تشع من بين جباههم ملامح النصر وهم يخوضون معركة الاستبسال والتحرير لأرض حضرموت من دنس ذلك التنظيم الإرهابي البغيض.

 

البحسني.. قائد معركة التحرير وبطلها

كانت معركة تحرير ساحل حضرموت بقيادة اللواء فرج سالمين البحسني، نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي (حاليا)، وكان حينها قائد المنطقة العسكرية الثانية، والذي تم اختياره لقيادة تلك المعركة المصيرية من قبل رئيس الجمهورية السابق المشير عبدربه منصور هادي وقيادة التحالف العربي معاً، لما يتمتع به من شجاعة وحنكة عسكرية وقيادية فريدة، إلى جانب ما يمتلكه من غيرة على سيادة حضرموت وعزتها وكرامتها.

أثبتت حضرموت للجميع في ذلك اليوم الأغر بأنها عصية وستظل كذلك ما دام يقف خلفها الرجال الصناديد من أبنائها الأشاوس أمثال اللواء فرج البحسني القائد العسكري صاحب الكاريزما القيادية المميزة، والذي جسد وهو يقود تلك المعركة الحاسمة القيم والمعاني السامية وبعث في أبناء حضرموت الأمل وزادهم عزاً وفخراً وهو يزرع ذلك النصر العظيم رافعاً رايات مجد حضرموت عالياً، وجعلها محط تأييد وإشادة دولية وبناء ثقة وشراكة في جهود مكافحة الارهاب، وأصبحت حليفا هاما وقويا لدول العالم في مكافحة الإرهاب الدولي بعد تمكن أبناء حضرموت بقيادة اللواء البحسني من تجفيف منابعه وتدمير أوكاره التي كانت منطلقاً لأشرس هجمات الإرهابيين حول العالم، لتشكل حضرموت أنموذجاً للأمن والاستقرار والسلام بين المحافظات اليمنية المحررة، بعد أن تمكن أبناؤها من استئصال الإرهاب وفكره الإجرامي والتدميري في كل شبر من تراب حضرموت الطاهر، لتثبت للعالم أن ذلك الفكر التخريبي لم ولن تكن حضرموت ملاذاً آمنا له على مر العصور.

 

تفاصيل معركة تحرير المكلا

لم تكن معركة تحرير ساحل حضرموت من تنظيم القاعدة ارتجالاً، بل جرى التحضير لها بشكل مدروس وبدعم من دول التحالف العربي، عبر تشكيل قوة بشرية من أبناء المحافظة "النخبة الحضرمية"، وتسليحها وتموينها وتدريبها في مناطق صحراء حضرموت (رماه وثمود) والهضبة قبل عدة أشهر من بدء المعركة، وعندما أصبحت تلك القوة جاهزة أُعدت خطة الهجوم على معاقل "القاعدة" في مدينة المكلا بقيادة اللواء فرج البحسني قائد المنطقة العسكرية الثانية آنذاك.

تحركت القوة وقوامها 11 ألف مقاتل من معسكر الهضبة، وسط حضرموت، وتوزعت على ثلاثة محاور: محور في الشرق باتجاه المعدي، ومحور أوسط باتجاه العليب ريدة الجوهيين رأس عبدالله غريب الريان بويش خلف، وهي أولى القوات التي دخلت المكلا، ومحور غربي عن طريق القبلية الحرشيات. 

اشتركت في عملية تحرير ساحل حضرموت القوات الجوية والبحرية وكان لضربات الطيران الحربي إسهام كبير حيث حقق أهدافه بدقة عالية استهدفت تجمعات عناصر القاعدة وقياداتهم.

خاضت تلك القوة معركة مع عناصر القاعدة في منطقة الأدواس وعبدالله غريب والعيون وعلى مشارف الريان، وتمت السيطرة على معسكر الأدواس والريان وتطهير المعسكرات الأخرى التي كانت تتمركز فيها عناصر القاعدة، كما تم تحرير ميناء الضبة النفطي، وبحلول الساعة العاشرة من صباح الـ 24 من أبريل 2016م استكملت قوة النخبة الحضرمية السيطرة على ميناء المكلا والقصر الجمهوري.

استشهد في تلك المعركة 60 من أبطال النخبة الحضرمية، بينما قُتل400 من العناصر الإرهابية، وأسر 250 منهم من جنسيات مختلفة، وتم الاستيلاء على 80 طنا من المتفجرات والذخائر، وتم تحرير مدينة المكلا في أقل من 48 ساعة، ليثبت الجندي الحضرمي للعالم أنه قادر على إحداث المعجزات متى ما أعطي الثقة. 

تمكن البحسني في ذلك اليوم العظيم من استعادة العزة والكرامة لحضرموت مقدما درساً في العسكرية الحديثة، وأثبت للجميع بأن الحضارم قادرين على انتزاع حقوقهم بسرعة خاطفة.

ويعد اللواء فرج سالمين البحسني، نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي (حالياً)، محافظ حضرموت - قائد المنطقة العسكرية الثانية (سابقاً) وقائد معركة تحرير ساحل حضرموت في 24 أبريل 2016، أحد رجالات حضرموت الذين جمعوا بين الإدارة والعسكرية، وهو أكاديمي عسكري محنك، حاصل على شهادة الماجستير في العلوم العسكرية بامتياز مع مرتبة الشرف من أكاديمية "فرونزي" الروسية، وتقلد عدداً من المهام والمسؤوليات العسكرية في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية سابقاً.

 

علاقة "القاعدة" بالحوثيين

حينما لم يستطع الحوثيون وحليفهم "صالح" آنذاك من دخول حضرموت لبعدها الجغرافي سخروا عناصر إرهابية تابعة للقاعدة أسندوا إليها مهمة الاستيلاء على ساحل حضرموت، ومُنحت لهم المعدات والذخائر والسلاح التي حصلوا عليها من المعسكرات في العام 2015م، كما تم إخراج المجرمين الإرهابيين من السجن المركزي والمحتجزين لقضايا جنائية خطيرة، ونهبت البنوك ودمرت المرافق الخدمية والتجارية والمحاكم وأغلقت الجامعة وأوقفت عجلة الحياة في مدينة المكلا.

 

تطبيع الحياة بعد التحرير

بعد تحرير مدينة المكلا من رجس تنظيم القاعدة الإرهابي في 24 أبريل 2016م، واصل القائد البحسني وأبطال النخبة الحضرمية مهمة تطهير بقية مدن ساحل حضرموت من بقايا عناصر تنظيم القاعدة الإرهابي وخلاياه النائمة، حيث شهدت حضرموت ثلاث معارك ناجحة هي معركة الفيصل في وادي المسيني بمديرية حجر، والجبال السود في هضبة حضرموت والقبضة الحديدية بمديرية يبعث، واستقرت الأوضاع الأمنية في ساحل حضرموت، وتم بعد ذلك الاتجاه نحو تطبيع الحياة وفتح البنوك وإعادة ترميم وبناء المحاكم وإعادة التعليم في المدارس والجامعة ومراكز الشرطة والمرافق الحكومية، وعاد الناس لممارسة حياتهم الطبيعية والتجارية في مدن ساحل حضرموت التي أصبحت يضرب بها المثل على مستوى مختلف محافظات الجمهورية في الأمن والاستقرار.

 

البحسني يصنع جيشاً قوياً لحضرموت

بجهود وحرص اللواء فرج البحسني صار لحضرموت ترسانة عسكرية وأمنية بشرية قوية قادرة على حمايتها، وما كانت حضرموت تستطيع أن تنال هذا المنجز لولا جهود البحسني وخوضه بنفسه معركة تحرير ساحل حضرموت من سيطرة تنظيم القاعدة الإرهابي، وبعد ذلك سعيه لتنظيم وتسليح وحدات المنطقة العسكرية الثانية وألويتها في ساحل حضرموت، إلى جانب جهوده في إعادة تأهيل المؤسسة الأمنية بالمحافظة، وتحقيق الأمن والاستقرار الذي ظلت حضرموت تنشده لسنوات ولم تجده إلا في عهد البحسني، وأصبحت نموذجاً متميزا ًبين المحافظات المحررة في الأمن والاستقرار وتطبيع الحياة المدنية.

ولم تقف منجزات البحسني عند هذا الحد، بل عمل على إنشاء وتأسيس كلية الشرطة العسكرية بحضرموت كصرح أمني أكاديمي لرفد حضرموت بجنود وأفراد من أبنائها لحماية أمنها واستقرارها على مر الأجيال، وقدم البحسني لحضرموت ما لم يقدمه غيره ممن تولوا زمام الأمور بالمحافظة في السابق، خصوصاً وأن الفترة التي تولى فيها البحسني قيادة المنطقة العسكرية الثانية وسلطة المحافظة تعد فترة حرجة وصعبة للغاية. ومهمها عددنا منجزات البحسني لحضرموت لن نوفيه حقه في الوقت الذي مازال فيه عطاؤه لحضرموت مستمراً وخدمته لها ولأهلها لا غنى عنها.

 

نصب تذكاري وساحة شهداء حضرموت

ولتعزيز مبدأ الترابط بين الجندي والمواطن وتمجيدا للشهداء حرص اللواء فرج البحسني على تشييد نصب تذكاري وساحة لشهداء معركة تحرير مدينة المكلا من أبطال قوات النخبة الحضرمية، وفاء لأولئك الشهداء الذين قدموا أرواحهم الغالية فداء لتراب حضرموت, ليغدو معلماً هاماً من معالم حضرموت وصرحاً يزوره الجميع متذكرين بطولات الشهداء الخالدة وتضحياتهم المشرفة دفاعاً عن حضرموت ولتحقيق الأمان واجتثاث أيادي الغدر الإرهابية الآثمة، وليكون رمزاً ومزاراً لأبناء المحافظة وزوارها، يحكي قصة تضحية وبطولة خطت بدماء أبناء حضرموت الطاهرة، وحتى يبقى ذلك النصب التذكاري شاهداً أمام العالم والأجيال القادمة لمعركة حضرموت وتضحيات أبنائها في سبيل رفض الفكر المتطرف والارهاب، وأن حضرموت تجسد المدرسة الإسلامية الوسطية الداعية للتسامح والسلام والمحبة.

والنصب التذكاري الذي تم إنشاؤه هو عبارة مجسم يتقدمه حصن بشكل تجريدي منحوت أوسطه جندي حاملاً سلاحه، حيث تم تشكيل الجندي بعمودين متكئ كلاً منها على الآخر يشد أحدهما الآخر ليجسدا واحدية حضرموت بين الساحل والوادي، أحدهما تم اكساؤه بلون العمارة الطينية والآخر بلون العمارة البيضاء في دلالة تجمع بين الساحل والوادي أيضاً.

ويحيط بالجندي عمودين مائلين مترابطين يشكلان بوابة عملاقة بمقدمتها تجويف يظهر من خلاله لون العمارة الطينية للإيحاء بأن عبق الوادي متأصل في الساحل وأنهما لحمة واحدة. ويقع بالعمود الآخر عنصر جمالي مضيء بشكل بعض النقوش التي استخدمت في عمارة حضرموت قديما، وتم إكساء الضريح بحجر الجرانيت الأسود للدلالة على الحزن.

وقد روعي في مواصفات المشروع استخدام أعلى مواد البناء جودة ومتانة واعتماد معايير فنية عالية، ومن جانب آخر فقد اختيرت جميع الألوان بكل عناصر المشروع بدقة وعناية عالية، وتم الاهتمام بعنصر الإضاءة الجمالية لإضفاء لمسة فنية مميزة لهذا المشروع تميزه عن باقي المشاريع بشكل عام، فهذا النصب التذكاري الذي يجسده الجندي الشهيد ويحتضنه قوس النصر من الأعلى هو قلب حضرموت النابض.

وتتصدر مدخل المشروع عبارة "استقرارنا ثمرة استشهادكم" تم نحتها على لوح رخامي، تختصر تلك العبارة حجم وقيمة التضحية التي بذلها أبطال حضرموت في معركة تحرير مدن الساحل من تنظيم القاعدة الإرهابي، والتي لا يوازيها شيء عدا أرواحهم الطاهرة.

تم تحديد موقع المشروع بعاصمة محافظة حضرموت بمدينة المكلا، وتحديداً في ساحة العروض بمنطقة فوة، حيث يمتاز الموقع بعدة مميزات أهمها الرمزية الوطنية باعتبارها ساحة عامة للعروض الوطنية، بالإضافة لتوسطه عاصمة المحافظة واعتباره أفضل موقع سياحي على الشريط الساحلي، حيث أضاف المشروع رونقاً خاصاً للمنطقة وشكل عامل جذب ومزارا لسكان المدينة والزائرين وأصبح الوجهة الأولى لهم.