آخر تحديث :السبت-22 فبراير 2025-08:32ص
ملفات وتحقيقات

تقرير: هل القرار يفاقم الأزمة التي يعانيها القطاع التعليمي في عدن والمناطق المحررة؟

الإثنين - 19 يونيو 2023 - 06:35 ص بتوقيت عدن
تقرير: هل القرار يفاقم الأزمة التي يعانيها القطاع التعليمي في عدن والمناطق المحررة؟
(عدن الغد)خاص:

تقرير يسلط الضوء على قرار مجلس الوزراء بخصوص طباعة الكتاب المدرسي بالخارج..

لماذا الإصرار على تدمير مؤسسة حكومية؟ ولمصلحة من تعطيل طباعة الكتاب المدرسي؟

ما أسباب توقف عمل مطابع الكتاب المدرسي في عدن وحضرموت؟

هل كان قرار طباعة الكتاب المدرسي بالخارج قرارا مدروسا؟

لماذا رفضت وزارة التربية والتعليم هذا القرار؟ وبماذا ردت؟

من يتحمل تشريد أكثر من 500 موظف من مطابع الكتاب المدرسي؟

تقرير/ ماجد الكحلي:

يكاد لا يمر يوم من أيام حكومتنا الموقرة إلا ونسمع عن قرار كارثي يتصدر الصحف وتتناوله وسائل التواصل الاجتماعي... آخر تلك الكوارث الوزارية هو قرار مجلس الوزراء رقم (5) لعام 2023م بخصوص طباعة الكتاب المدرسي خارج المؤسسة العامة لمطابع الكتاب المدرسي.

ذلك القرار الوزاري أقل ما يقال عنه إنه أحد القرارات الارتجالية غير المدروسة، بل هو أحد القرارات التي تدمر أصول الدولة.

> وزارة التربية ترفض

ومما يؤكد ذلك أنّ وزارة التربية والتعليم ـ بحسب ما تداولته مواقع إعلامية ــ ممثلة بوزير التربية والتعليم الأستاذ طارق سالم العكبري عبرت عن رفضها لقرار مجلس الوزراء رقم (5) لعام 2023م بخصوص طباعة الكتاب المدرسي خارج المؤسسة العامة لمطابع الكتاب المدرسي.

وبحسب المصادر جاء رفض الوزير العكبري وتحفظه عن قرار مجلس الوزراء رقم (5) بشأن تمويل طباعة الكتاب المدرسي لما تضمنه القرار من مواد ستؤدي إلى انهيار وتدمير المؤسسة العامة لمطابع الكتاب وربما يتم تسريح نحو 500 موظف وعامل من المؤسسة وإغلاقها كغيرها من المؤسسات التي دمرت سابقا.

> المعالجة أولى

أشارت المصادر إلى أن موقف الوزير العكبري واضح وصريح بأنه مع معالجة وتصحيح أي وضع مختل في المؤسسة وليس بالبحث عن بدائل طباعة، أي في الخارج، وأنه يجب تعزيز المؤسسة بالتمويل اللازم للقيام بمهامها الموكلة إليها بطباعة الكتاب المدرسي، باعتبار أنها المؤسسة الوحيدة التي تملك الحق الحصري في طباعته.

الجدير بالذكر أن المؤسسة العامة لمطابع الكتاب المدرسي قد أوقفت العمل في فروعها بعدن وحضرموت من شهر مارس من العام الجاري وذلك بسبب عدم تعزيزها بأي تمويل حكومي.

> القرار سيفاقم الأزمة

هذا القرار الكارثي، بحسب مراقبين، وهو طباعة الكتاب المدرسي خارج المؤسسة العامة لمطابع الكتاب المدرسي في عدن وحضرموت يمكن أن يؤدي إلى تفاقم الأزمة التي يعانيها القطاع التعليمي في عدن والمناطق المحررة، فالمؤسسة العامة لمطابع الكتاب المدرسي هي بإنتاج الكتب المدرسية بجودة عالية وبأسعار معقولة حسب العقد الموقع مع وزارة التربية والتعليم، وهذا العقد يضمن توفير الكتب للطلاب بصورة ملائمة وتجنب ارتفاع أسعار الكتب في السوق السوداء.

وإذا تمت طباعة الكتب المدرسية خارج المؤسسة العامة لمطابع الكتاب المدرسي، فإن ذلك سيؤدي إلى زيادة التكاليف وتأخير التسليم، حيث ستحتاج المدارس إلى البحث عن نقل وتوزيع الكتب، وبالتالي فإن هذا سيشكل عبئاً إضافياً على المدارس والطلاب وأولياء الأمور.

وبالتالي، يجب على الحكومة تفعيل دور المؤسسة العامة لمطابع الكتاب المدرسي وتوفير الدعم المالي لها، لتلبية الطلب المتزايد على الكتب المدرسية. ويجب ألا تسمح الحكومة بأي نوع من الاتجار في الكتب المدرسية خارج هذه المؤسسة حتى يتمكن الطلاب من الحصول على الكتب بأسعار معقولة وبجودة عالية، حيث إن المؤسسة بكل فروعها في عدن وحضرموت لديها من الآلات الحديثة لتواكب طباعة الكتاب المدرسي وأيضاً الكادر المؤهل لهذا الدور.

يجب على الحكومة من منطلق المصلحة الوطنية وما تبقى من مؤسسات الحفاظ على المؤسسة العامة لمطابع الكتاب المدرسي والمحافظة على التقدم الاقتصادي في عدن والجنوب.

> المؤسسة العامة متوقفة منذ عام!

نظم العشرات من عمال مطابع الكتاب المدرسي في عدن سابقا وقفة احتجاجية أمام بوابة المؤسسة وديوان وزارة التربية والتعليم، في شهر مايو، رفضاً لتعطيل عملها، بهدف تحويل طباعة المنهج الدراسي إلى مطابع خاصة.

ومنذ بداية العام توقفت المؤسسة العامة لمطابع الكتاب المدرسي في عدن وحضرموت عن طباعة الكتاب المدرسي.

وقالت المصادر إن إغلاق المطابع في فرعي المؤسسة بعدن وحضرموت عن العمل بسبب توقف حكومة معين عن تمويل طباعة الكتاب المدرسي، مما أدى إلى عدم القدرة على شراء مدخلات إنتاج ودفع رواتب العاملين في المؤسسة، كونها مؤسسة اقتصادية ودفعها إلى شبح الانهيار التام.

علما بأن مليار ريال يمني فقط تُقدم لمطابع الكتاب من إجمالي 9 مليارات ريال بحسب العقد بين المؤسسة ووزارة التربية والتعليم لطباعة الكتاب المدرسي.

وذكر رئيس نقابة عمال مؤسسة مطابع الكتاب المدرسي بعدن صابر فرج، في تصريح له بأن الحكومة كانت ترصد ميزانية لطباعة الكتاب المدرسي بأكثر من 10 مليارات ريال قبل الحرب وكانت تعادل حينها 42 مليون دولار، وبعد عام 2015م قلصت الميزانية كثيرا ووصلت العام الماضي إلى 3 مليارات ونصف أي إلى 3 ملايين دولار.

ولفت إلى أن ذلك أدى إلى تقليص النشاط في المطابع من ثلاث نوبات عمل إلى نوبة واحدة فقط.

واعتبر بأن إيقاف تمويل طباعة الكتاب المدرسي في المؤسسة يأتي بهدف طباعة الكتاب المدرسي خارج هذه المؤسسة الحكومية وتسليم طباعة الكتاب المدرسي للقطاع الخاص.

واتهم الحكومة بتدمير المرفق الحكومي وتشريد موظفيها الذين يتجاوز عددهم الـ500 موظف.

> لمصلحة من تعطيل طباعة الكتاب المدرسي؟

تساءل الكاتب فواز الشقراء في مقالة له قائلا: لمصلحة من تعطيل طباعة الكتاب المدرسي؟ وقال: أحد قلاع الحرب ضد الحوثية الاثني عشرية الآسنة بالمعتقدات الدخيلة على ديننا وأخلاقنا، هي المؤسسة العامة لمطابع الكتاب المدرسي. إنها المؤسسة الوطنية الحكومية التي تتأرجح منذ منتصف ٢٠٢٢ وتوقف نشاطها في بداية عام ٢٠٢٣م بسبب وقف الحكومة تمويل طباعة الكتاب المدرسي للمحافظات المحررة.

وأضاف إن تمويل طباعة الكتاب المدرسي مهمة الحكومة، حيث خصص لطباعة الكتاب المدرسي في الموازنة الحكومية في عام ٢٠٢٢ فقط ٥ مليارات تم صرف منها ٣ مليارات ونصف فقط من إجمالي التمويل المطلوب والمقدر بـ ٢٥ مليار ريال. سعر الكتاب الملون لا يزيد عن ألف ريال في المؤسسة، بينما سعر الكتب صغيرة الحجم ولون أسود فقط أكثر من ذلك في المكتبات التي تنسخ بلا رقيب.

وقال: لماذا الإصرار على تدمير مؤسسة حكومية لتلحق مصنع الغزل والنسيج الذي يجاورها في مدينة المنصورة؟ ولمصلحة من إيقاف طباعة المنهج المدرسي الوطني؟ هل لتمرير المنهج الحوثي الشاذ الذي يدخل خفية إلى المحافظات المحررة؟ أليس أحد وجهات الحرب القائمة منذ ٨ سنوات هو محاربة المد الاثني عشري؟ فلماذا تتوقف طباعة منهج وطني رسمي؟ هل لإفساح المجال للمنهج الحوثي لاجتياح المحافظات المحررة؟  تساؤلات غريبة وإجاباتها أغرب إن استطاع أحد الإجابة، من نحارب؟ من يعطل عمل طباعة الكتاب المدرسي بإيقاف الميزانية عنه؟

> أسباب توقف عمل مطابع الكتاب المدرسي

التقت اللجنة المشكلة لمتابعة طباعة الكتاب المدرسي الدكتور صالح محسن الحاج رئيس فريق الحوار الوطني الجنوبي الداخلي أمس الأحد.

وفي الاجتماع قدم د. محمد عمر باسليم رئيس لجنة المتابعة شرحا وافيا حول توقف مطابع المؤسسة في عدن وحضرموت عن العمل، وأرجع ذلك لأسباب عدم تنفيذ العقود الموقعة.

وأشار د. باسليم إلى أن هناك عقدا موقعا وينص على تعزيزات ربع سنوية، وعدم الالتزام بذلك أدى إلى توقف العمل في المؤسسة لفترات طويلة، حيث لم تعمل مطابع المؤسسة منذ بداية العام إلا شهرا تقريبا وتكبدت المؤسسة بالتالي خسائر كبيرة يجب تعويض المؤسسة عنها، ولاسيما أن العمال في الوقت الحالي بلا رواتب.

كما تطرق أ. فضل عبدالله وكيل مساعد قطاع المشاريع والتجهيزات بوزارة التربية والتعليم عضو اللجنة إلى أنه من الضروري في هذا الوقت الحفاظ على المؤسسة من الانهيار والبدء بطباعة الكتاب المدرسي في أسرع وقت.

ودحض الوكيل المساعد ما يتردد عن ارتفاع سعر الطباعة في المؤسسة عن الخارج، حيث إن سعر المؤسسة ليس طباعة فقط ولكن طباعة وتوصيل للمستخدم النهائي وهو مكاتب وزارة التربية والتعليم في كل المحافظات.

وتبلغ كلفة النقل والتوزيع أكثر من ٣٥ % من سعر الكتاب، حيث إن المؤسسة ملزمة بموجب العقد توصيل الكتاب المدرسي إلى كافة المحافظات المحررة من مأرب إلى سقطرى، ومن الساحل الغربي إلى المهرة مرورا بتعز وعدن.

وخلال الاجتماع تعذر التواصل مع د.عبدالغني الشوذبي وكيل قطاع المناهج والتوجيه عضو لجنة المتابعة، بسبب سوء الاتصالات.

ويبدو في آخر المطاف أن هذه البلاد كتب لها الشقاء والعناء، وكلما شعر المواطن المغلوب على أمره بتحسن الأمور وظهور بصيص من نور في نفق الظلام بادرته حكومتنا بقرارات كارثية تزيده بؤسا فوق بؤسه ومعاناة فوق معاناته، حتى أصبح آخر أمانيه من هذا الوطن هو أن تكف الحكومات المتعاقبة عن القرارات الارتجالية الكارثية التي تهرول بالبلاد أكثر وأكثر إلى الهاوية.