آخر تحديث :السبت-22 فبراير 2025-08:25ص
ملفات وتحقيقات

تقرير: هل يكون هناك أثر إيجابي للمنحة على معيشة المواطنين أم كسابقاتها؟

السبت - 05 أغسطس 2023 - 07:07 ص بتوقيت عدن
تقرير: هل يكون هناك أثر إيجابي للمنحة على معيشة المواطنين أم كسابقاتها؟
(عدن الغد)خاص:

تقرير يتناول الأثر المتوقع للمنحة السعودية الجديدة والإصلاحات المالية التي قام بها مكتب الرئاسة..

هل هناك أثر متوقع للمنحة السعودية الجديدة.. أم مجرد نفخ في قربة مقطوعة؟

ما الغرض من المنحة السعودية الجديدة وهل تذهب في مكانها الصحيح أم يبتلعها هوامير الفساد؟

ما جدوى التعميم الرئاسي بعودة المسؤولين للعمل من العاصمة عدن الذي تزامن مع إعلان المنحة السعودية؟

الوديعة والإصلاحات جنبًا إلى جنب

(عدن الغد) القسم السياسي:

أعلنت السعودية الثلاثاء الماضي تقديم دعم جديد لعجز الموازنة الخاصة بحكومة الشرعية بمبلغ وقدره 1.2 مليار دولار، دعماً لمجلس القيادة الرئاسي والحكومة اليمنية، وفي أول أمس الخميس أعلن البنك المركزي اليمني إدخال الرياض مليار ريال سعودي إلى حساباته كدفعة أولى.

واعتبر رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور رشاد العليمي هذ الدعم رسالة أخرى حاسمة للمليشيات الحوثية، مفادها أن الشعب اليمني ليس وحده، وأنه آن الأوان لهذه المليشيات بعد أن جربت كل وسائل الخراب، تغليب مصلحة شعبنا على مصالح قياداتها، والإصغاء لصوت الحكمة، والانحياز لخيار السلام العادل الذي طال انتظاره.

وإن كانت هذه الخطوة في نظر البعض تستحق الإشادة في إحداث تغيرات جذرية في أداء الحكومة، لكن هناك في المقابل من يرى أن الأهم هو مراقبة أين تذهب هذه الأموال، حتى يستفيد منها المواطن بشكل مباشر ولا تذهب إلى أرصدة الفاسدين.

ويهدف هذا الدعم بشكل أساسي إلى دفع الأجور والمرتبات للموظفين والمشتقات النفطية لتغطية احتياجات قطاع الكهرباء، بالإضافة إلى المزادات التي يقوم بها البنك المركزي اليمني لتغطية فاتورة الاستيراد من الخارج.

> استجابة عاجلة وأثر اقتصادي متوقع

وحسب وكالة الأنباء السعودية (واس) فإن هذا الدعم يأتي استجابة لطلب حكومة الجمهورية اليمنية لمساعدتها في معالجة عجز الموازنة، ودعماً لمجلس القيادة الرئاسي، وامتداداً للاتفاقية الموقعة بين حكومة المملكة واليمن في مجال أعمال البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن داخل الجمهورية اليمنية.

وفي أول أمس الخميس أعلن البنك المركزي اليمني دخول ما يقارب مليار ريال سعودي إلى حساباته كدفعة أولى من دعم الموازنة العامة للدولة.

وثمن البنك في تصريح نشره الموقع الإلكتروني له الدعم السعودي لليمن خاصة في هذه المرحلة التي وصفها بالصعبة والاستثنائية.

ونوه إلى أن هذا الدعم سيمكن الحكومة من تجاوز كثير من الاختناقات والوفاء بالعديد من الالتزامات الضرورية والملحة.

وأضاف "البنك" أن هذا الدعم سيمكن البنك المركزي من المحافظة على استقرار سعر صرف العملة والتحكم بمعدلات التضخم والاستمرار في تنفيذ الإصلاحات الهامة والضرورية.

يرى خبراء اقتصاديون أن هذا الدعم يأتي في إطار الاستجابة لطلب الحكومة اليمنية في مساعدتها لمعالجة عجز الموازنة الخاصة بها، إذ تغطي الموازنة لمدة عام وهو ما يعني أنها ستتجدد سنويا إلى أن يستأنف تصدير النفط.

وقال الكاتب والمحلل الاقتصادي وحيد الفودعي على حسابه فيس بوك إن المنحة ستغطي الموازنة لمدة عام، وهو ما يعني أنها ستتجدد سنويا إلى أن يستأنف تصدير النفط، وهذا لا يقلل من تحويلها على دفعات لحساب البنك، حد تعبيره.

وأوضح "الفودعي" أن هذه المنحة موجهة لدعم النفقات ماليا والمزادات نقديا، وستغطي صادرات النفط، فلا داعي لأن يتعذر هوامير المشتقات النفطية بتوقف صادرات النفط، حد وصفه.

وتوقع "الفودعي" أن هذه المنحة ستؤثر إيجابا على سعر الصرف وسيعود إلى وضعه الطبيعي، مؤكدا أن المواطن سيستفيد بشكل كبير من خلال مردودها على الاقتصاد واستقرار الأسعار.

ويشير مراقبون أن هذا الدعم السعودي الجديد، يضاف إلى المساعدات المالية والاقتصادية السابقة التي ساهمت بشكل جلي في صمود الدولة طيلة سنوات الحرب التي فرضتها مليشيا الحوثي منذ انقلابها على الدولة 2014م.

ووفق محللين اقتصاديين فإن هذا الدعم سيؤثر على سعر صرف الريال اليمني بشكل إيجابي، الأمر الذي سينعكس على الأحوال المعيشية للمواطنين، مع العمل على تحقيق استقرار نسبي لأسعار السلع الغذائية والحد من تدهور القوة الشرائية، وتنفيذ بعض الإصلاحات الاقتصادية والاستمرار في دفع الرواتب.

وللمنحة أهداف سياسية في نظر متابعين تتمثل في إحباط رهانات وأفكار الحوثية في إسقاط المحافظات المحررة من النافذة الاقتصادية والمعيشية، ومثلما حاربت مليشيا الحوثي الشعب اليمني باستخدام السلاح، حاربتهم أيضًا باستخدام وسائل التجويع والحرمان المالي باستهداف مصادر الدخل الوطني.

وفي الشأن ذاته قال الصحفي والمحلل السياسي سمير رشاد اليوسفي "إن السعودية واليمن شقيقتان متلازمتان في التاريخ والجغرافيا والثقافة والدين، ومن مصلحة البلدين تحالفهما ضد صور التفكك والانقسام والفوضى التي تحاول أجندات خارجية فرضها على اليمن"، معبرا عن تقديره العميق للدعم السعودي المتواصل لليمن والتعاون الاستراتيجي والتكامل الاقتصادي والتنسيق الأمني والسياسي بين البلدين، لتحقيق مصالحهما المشتركة، في ظل التحديات التي تواجه المنطقة والعالم، خاصة منذ تولي قيادة المملكة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، الذي جسد حكمه على العدالة والمحبة والرحمة والشجاعة.

وأثنى "اليوسفي" بالدور السعودي تجاه أشقائهم اليمنيين، وأنه لا أحد يستطيع إغفال الجرائم الفظيعة التي ارتكبتها الميليشيات الانقلابية والجماعات الإرهابية ضد الشعب اليمني، باسم الدين والوطن والثورة، وبالمقابل فلا أحد يستطيع إنكار الدعم الكبير الذي قدمته السعودية لليمن، واستقبالها بكل حفاوة وتكريم لملايين اليمنيين وإغاثتها للمحتاجين، وإصلاح ما اختل من نظام اجتماعي وصولًا لسعيها الحثيث للتهيئة للحوار اليمني الشامل لتحقيق المصالحة والسلام، كل ذلك نتيجة طبيعية لأخوة صادقة بين شعبين عظيمين.

> إشادات رسمية وتعميم بالعودة

أشاد رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور رشاد العليمي بجهود الأجهزة الحكومية المعنية والفريقين الاقتصاديين في كل من البلدين الشقيقين اليمن والسعودية، وكذا البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن التي أثمرت هذا الدعم السخي للوفاء بالالتزامات الحتمية للدولة، ومواصلة إصلاحاتها الشاملة في مختلف المجالات.

وأضاف "العليمي": "لقد كان هذا النهج السعودي الثابت بقيادة أخي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، محل اعتزاز وتقدير الشعب اليمني، ومثل صمام أمان ليس فقط للدولة الوطنية في اليمن، وإنما لدول وشعوب المنطقة، والسلم والأمن الدوليين".

وفي سياق متصل أصدرت رئاسة الجمهورية تعميما يقضي بعودة جميع مسؤولي الدولة وزراء ونواب الوزراء ووكلاء الوزارات والمحافظين ورؤساء الأجهزة التنفيذية لممارسة مهامهم من العاصمة المؤقتة عدن، ومقار أعمالهم في مختلف المحافظات المحررة.

وجاء التوجيه في تعميم من مدير مكتب الرئاسة الدكتور يحيى الشعيبي لرئيس الحكومة بعودة المسؤولين في مدة أقصاها 6 أغسطس الجاري، وتضمن التعميم تعليمات بضبط الصرف من موازنة الدولة، وحسب التعميم سيتم اتخاذ الإجراءات القانونية بحق مَن يخالف ذلك.

كما ألغى التعميم أي تفويضات بالصرف من موازنة الدولة أو موازنات الجهات، وقصر الصرف على المخولين قانونيًا الوزير ونائبه والمحافظ ونائبه ورئيس الجهاز ونائبه، وتزامن صدور هذه التعميم مع إعلان الدعم السعودي لعجز موازنة الحكومة المعترف بها دوليا الثلاثاء الماضي.

وتوقع محللون سياسيون أن هناك توجهات سعودية ربما تقضي بعودة رئيس مجلس القيادة الرئاسي ورئيس الحكومة والحكومة بأسرها إلى عدن، مع عودة مرتقبة لمجلس النواب بكامل أعضائه، وتقضي التوجهات السعودية بالعمل على تثبيت مؤسسات الدولة وتعزيز حضورها بالتنفيذ الفعلي لبنود اتفاق الرياض.

وبينما وصف متابعون هذا التعميم بالمؤشر الايجابي، لكنه في نظر البعض الآخر غير كاف لضبط النفقات ما لم يتبعه وضع خطة تقشفية يتم من خلالها حصر الإنفاق الحكومي على الضروريات مع اشتراطات أكثر صرامة في التعامل مع تغطية التزامات الموازنة العامة تجاه المرتبات والخدمات من جهة وضبط أوعية الإيرادات وإعادة تصدير النفط من جهة أخرى.

>دعم سعودي متواصل

ويرى مختصون اقتصاديون سعوديون أن المنح والقروض المالية الميسرة ومنح المشتقات النفطية المقدمة من السعودية إلى الجمهورية اليمنية قد شكلت رافداً مهماً لدعم الاقتصاد اليمني والحد من معاناة الشعب اليمني، إذ قدمت المملكة ودائع مالية للبنك المركزي اليمني بقيمة 4 مليارات دولار، ومنح مشتقات نفطية بقيمة 4.8 مليار دولار لتوليد الكهرباء في جميع المحافظات اليمنية، وتحفيز الاقتصاد اليمني ورفع كفاءة القطاعات الحيوية والإنتاجية والخدمية.

وحسب الكاتب والمحلل السياسي السعودي تركي القبلان فإن هذا الدعم يأتي امتداداً لمواقف السعودية التاريخية في مساندة اليمن في جميع أزماته السياسية والاقتصادية والإنسانية والتنموية والأمنية، موضحا أن هذا الدعم يسهم بشكل كبير في تحسين الأوضاع الاقتصادية في اليمن وتعزيز أمنه واستقراره وحماية اقتصاده من مخاطر الانهيار، مشيرا إلى أن هذا الدعم ليس الوحيد وإنما يأتي امتداداً لما سبق أن قدمته المملكة من دعم اقتصادي لإنجاح مخرجات المشاورات اليمنية- اليمنية، ومساندة مجلس القيادة الرئاسي اليمني، لتمكينه من ممارسة مهامه ودعم الجهود الرامية لإيجاد حل سياسي شامل ينقل اليمن من مرحلة النزاعات والاقتتال الداخلي، إلى مرحلة يسودها الاستقرار والأمن والتركيز على تحقيق تطلعات شعبه.

وتطرق "القبلان" إلى ما قدمه البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن خلال الأربعة سنوات الماضية منذ عام 2018م وإلى نوفمبر من العام 2022م أكثر من (229) مشروع ومبادرة تنموية في 14 محافظة يمنية بتكلفة 1,089,148,927$ بإجمالي عدد مستفيدين (14.6 مليون مستفيد) في (7) قطاعات أساسية، إضافة إلى ذلك نفذت المملكة أكثر من 1108 مشروعاً إنسانياً وتنموياً وخيرياً في مختلف المحافظات اليمنية– وفقاً لإحصاءات منصة المساعدات السعودية، بقيمة تجاوزت 4,25 مليار دولار، ومكنت هذه المشروعات الحكومة اليمنية من رفع قدرتها على مواجهة التحديات الاقتصادية والتنموية، وتحسين الظروف المعيشية للشعب اليمني.

ووفق مسؤولين يمنيين فإن هذا الدعم الجديد من المملكة العربية السعودية الشقيقة للموازنة العامة للدولة، يؤكد مرة أخرى موقف المملكة المشرف ونهجها الملتزم بدعم شعبنا اليمني، وشرعيته الدستورية وتخفيف معاناته الإنسانية، وحماية حقوقه المشروعة في إعادة إعمار، وبناء مؤسسات الدولة والسلام والاستقرار والتنمية.

خلاصة القول، كما كانت المملكة حاضرة في معركة التحرير والسياسة ووضع رؤى للسلام الشامل في اليمن، كانت حاضرة في الدعم الاقتصادي والتنموي، إذ يأتي هذا الدعم السعودي للحكومة المعترف بها دوليا في وقت يشهد الريال اليمني تراجعا كبيرا أمام العملات الأجنبية وارتفاعا في الأسعار بشكل لا يستطيع المواطن تحمل تبعاته.

وإن كان من خشية من قبل المواطنين، فهي أن تذهب هذه الأموال إلى جيوب الفاسدين بعيدا عن الغرض الذي من أجله أتى هذا الدعم الاقتصادي الجديد.