باكريت: عودة البعثات الأجنبية في مجال التنقيب عن الآثار إلى المحافظة ضرورة حتمية

الأربعاء - 05 يونيو 2024 - 04:48 م بتوقيت عدن

((عدن الغد))خاص.

تعد الآثار مصدراً مهماً للمعرفة والتعلم، فهي تحكي قصصاً عن حضارات وشعوب وأمم مختلفة، وتعرض لنا تاريخهم وثقافتهم وتقاليدهم، وبالتالي تساعد الآثار في تعزيز الوعي الثقافي لدى الأفراد وتوسيع آفاقهم.
ولا شك أن المحافظة على الآثار من الأهداف السامية التي تنشدها بلادنا ممثلة في وزارة الثقافة، فقد بدأ واضحاً أن الآثار المنتج الثقافي الذي يعكس هوية الشعوب وثقافتها، وتتمازج الآثار مع العديد من أوجه الأنشطة في المجتمعات الحديثة، إضافة إلى المعرفة التاريخية والتي تدخل الآثار ضمن ما يسمى الأمن الثقافي والهوية الوطنية، كما أنها تعد مرتكزاً أساسياً في التنمية السياحية.
موقع "عدن الغد" هاتف من بوابة اليمن الشرقية (المهرة) المدير العام للهيئة العامة للآثار والمتاحف بالمحافظة الأستاذ سالم عبدالله باكريت، نتابع ذلك الحوار من خلال ثنايا الأسطر الآتية:
هاتفه / عبدالعزيز بامحسون
• هل ممكن تحدثنا عن أهمية محافظة المهرة تاريخياً؟
تعد محافظة المهرة من المحافظات التي توجد فيها مواقع أثرية قديمة، ولكن رغم أهميتها التاريخية إلا أنها لازالت محرومة من الدراسات التاريخية للمواقع والمعالم الأثرية، ولا توجد دراسة مفصلة ومتخصصة في هذا المجال لذلك فهي بحاجة إلى إجراء دراسات نظراً لأهمية المواقع والمعالم الأثرية، التي توضح أعمارها بأدق وأحدث الطرق البحثية لكي تساعد وتسهل عمليات الاستكشاف لإرث المحافظة العريق، وقد تكاد تكون المهرة بكراً وبعيدة عن الاكتشافات والبحوث التاريخية بشكل كبير، وهو ما يرى أنه أدى إلى قلة المعلومات المتوفرة عن تاريخ معالمها الأثرية.
• ممكن تبرز لنا أهم المواقع والمعالم الأثرية في المحافظة، وأقدمها؟
تنتشر في محافظة المهرة العديد من المواقع والمعالم الأثرية، بحيث لا تخلو كل مديرية من مديريات المحافظة من معالم أو مواقع أثرية منها متحف الغيضة، وحصن خيبل، وحصن بن غفيلة، وحصن بن قيضر، وحصن بن مسمار، وحصن بيت عفرار، ومسجد باكريت، ومسجد الشيخ الجوهري، وموقع كدمة يروب الأثري، وموقع غبة النيل، ومنطقة شهيني في حصوين والمساجد السبع، ومستوطنة حبروت الأثرية، ومستوطنة دمقوت، وميناء دمقوت أو كما يسمى قديماً بميناء الأزد، وموقع حيرج (السوق القديم في قشن)، وموقع غبة النيل بمنطقة حصوين الأثرية وغيرها، ويعد مسجد الحسني من أهم المعالم الإسلامية وأقدمها الذي بناه الشيخ عبدالله بن محمد الحسني في مدينة الغيضة في العام 112 هجرية وفق العمارة الإسلامية الطينية، والذي لازال قائماً وشاهداً للعيان.
• يقال إن ميناء خلفوت من المعالم الأثرية، هل ممكن تحدثنا عن ذلك المرسى؟
لا شك إن ميناء خلفوت من موانئ المهرة في العصور الإسلامية المبكرة، وهو امتداد لميناء سياجروس، وميناء خلفوت هو عبارة عن خور ممتد من البحر إلى الوادي، وكان يستخدم قديماً كمرسى للسفن المحملة بالبضائع ومستودع للبان قبل تصديره لميناء قنا، فتتم فيه عمليات الشحن والتفريغ، وهذا الخور يقع بين برجين مراقبة شيّد احداهما على تبة تبعد حوالي (200) متر إلى الغرب، ومن المرجح أن يكون خاصة بعملية مراقبة السفن وهومن أهم المواقع الأثرية في المحافظة.

• هل هناك بعثات تنقيبية أجنبية زارت المحافظة؟
كما يعلم الجميع بعد أحداث عام 2011م والمشاكل التي عصفت بالبلاد امتنعت البعثات الأجنبية عن التواجد في بلادنا بحجة الأوضاع الأمنية غير المستقرة لذلك نحن في محافظة المهرة لم نشهد أي بعثات بعد هذا التاريخ قامت بأي اكتشافات أو تنقيب، وإن كانت هناك أي بعثات قبل ذلك التاريخ لا يوجد لدينا أي معلومات رسمية عن نتائجها أو زيارتها لهذه المحافظة.

• هل ممكن أن تقول إن الحرب هي السبب؟
رغم أن الحروب ليست السبب في تدمير تراث الشعوب الثقافية، إلا أن الحرب والصراعات في بلادنا أضرّت بالمواقع الأثرية في المحافظة أسوةً ببعض محافظات الوطن من خلال النهب وامتناع وجود البعثات الأجنبية التي تقوم بدورها في تنقيب واكتشاف الآثار.

• تعرضت المحافظة في السنوات الأخيرة لعدة إعصارات وفيضانات، هل أثرت تلك المناخات الجوية على المواقع الأثرية؟
كلنا نعلم أن المحافظة تعرضت في السنوات الأخيرة لعدد من التقلبات المناخية مثل الأعاصير والمنخفضات الجوية خصوصاً إعصار (لبان) الذي ألحق دماراً وأضراراً واسعة بالمعالم الأثرية في المحافظة والبنى التحتية بشكل عام، وإلى الآن لا يوجد هناك أي تدخل أو ترميم لتلك المعالم حتى نتمكن من إجراء دراسات هندسية دقيقة تمكننا من تحديد حجم وكلفة تلك الخسائر ونحن قمنا بعملية الحصر الأولي
التقديري والرفع بها لترميم وإعادة تأهيل عدد من المعالم والحصون التي تضررت بشكل كامل أو جزئي، منتظرين التدخل العاجل من الجهات المانحة والداعمة وإنقاذ ما يمكن إنقاذه.

• هل هناك سطو وطمس وتخريب واندثار للمواقع والمعالم الأثرية في المحافظة؟
ربما تكون الظروف المناخية من أهم العوامل في تخريب المواقع الأثرية خاصة وأن المحافظة شهدت العديد من الأعاصير والمنخفضات الجوية إضافة إلى ذلك عمليات النبش العشوائي خاصة في بعض المقابر، كذلك عمليات التوسع والزحف العمراني لاسيما في المدن المكتظة بالسكان.
• هل تم اكتشاف عمليات تهريب للآثار من داخل المحافظة، وكيف يمكن الحد من عمليات التهريب؟
ربما الكل يعلم أن هناك تجار يتاجرون بالقطع الأثرية حيث يشتروها من مواطنين وهواة جمع الآثار بمبالغ زهيدة، فضلاً عن القيام بعمليات تنقيب عشوائية في المناطق الأثرية، وإذا كان هناك أي عمليات تهريب فهي تأتي من خارج المحافظة، وإن وجد أو تم اكتشاف عملية تهريب فالكل يقوم بدوره، ويتم إعادتها بعد استكمال جميع الإجراءات القانونية، أما بخصوص الحد من عمليات التهريب هو منع عمليات التنقيب العشوائية، وتسوير المواقع الأثري والتاريخية، وتوفير حراسات أمنية لها، وزيادة الاهتمام الحكومي بالآثار وحمايتها
بها أو تهريبها.
• في الفترة الماضية شكلتم لجنة لحصر وتوثيق المواقع الأثرية والمعالم التاريخية، ماذا عن نتائج هذا الحصر؟
طبعاً هذه اللجنة أتت بناءً على توجيهات محافظ المحافظة الأستاذ محمد علي ياسر وكذلك تنفيذاً لخطة فرع الهيئة وذلك انطلاقاً من الواجب المناط بنا للحفاظ على المواقع والمعالم الأثرية التي تعبر عن التاريخ العريق للمحافظة، وعملية حصر المواقع كانت لها تأثير إيجابي أثمرت في تسجيل وتوثيق تلك المعالم الأثرية والتاريخية، وكذلك التعرف عليها والتأكد من وضعها وسلامتها من خلال زيارتها إضافة إلى ذلك فإن هذا العمل يحتاج إلى إمكانيات وجهد أكبر نظراً لمساحة المحافظة وصعوبة التنقل إلى بعض مواقعها.
• ما هي خطة فرع الهيئة العامة للآثار والمتاحف بالمهرة مستقبلاً؟
لدينا خطط مستقبلية ولكن بحاجة إلى دعم كبير لكي نتمكن من تنفيذها، فنحن في المكتب نتطلع إلى تنفيذ مشاريع الترميمات للمعالم الأثرية في المحافظة، كذلك عملية إعادة وتأهيل الموانئ القديمة بما يتناسب مع أهميتها والتمكن من الحفاظ عليها، والتواصل مع البعثات الأجنبية في حال
تهيأت لها الظروف للتمكن من تنفيذ مشاريع التنقيب والبحث
في بعض المواقع الأثرية لما لها من أهمية في عملية إثراء المخزون المتحفي والقيام بالاكتشافات الجديدة من كنوز هذه المحافظة العريقة.

• ما هي أبرز احتياجاتكم؟
أبرز احتياجاتنا ومطالبنا هو مساندتنا ودعمنا بكل الوسائل التي من خلالها نستطيع القيام بمهامنا على أكمل وجه ومنها توفير أجهزة الكشف وتحديد المواقع، وضرورة عودة البعثات الأجنبية إلى المحافظة للاكتشاف والتنقيب عن الآثار والمواقع التاريخية.

• حدثونا عن الصعوبات والتحديات التي تواجهكم؟
لا يوجد أي عمل يخلو من الصعوبات خاصة في الظروف الراهنة، هناك ركام قوي من العوائق والصعوبات التي اصطدمنا بها؛ منها بُعد المسافات بين مديريات المحافظة، ورفد المتحف، إضافة إلى الظروف التي تعيق عمليات الاكتشاف وهذا كله يرجع إلى شحة الإمكانيات وعدم وجود أي دعم من المركز.

• كلمة أخيرة تود قولها في ختام هذا الحوار؟
في الأخير أتوجه بالشكر والتقدير إلى قيادة السلطة المحلية في محافظة المهرة ممثلة بالأستاذ محمد علي ياسر محافظ المحافظة لما يوليه من اهتمام ولفتة إنسانية إلينا والذي يقف معنا دوماً في حالة تنصل الجميع عنا، وكل الشكر والتقدير لكم ولموقعكم لما يوليه من اهتمام في الجانب الثقافي والإعلامي ونقل معاناة الجميع وتوصيل رسائلهم، ومن هذا المنبر نناشد الحكومة والجهات المانحة المهتمة بالتراث
بأن تنظر إلينا بعين الاعتبار والنزول إلى محافظة المهرة لتنمية وإعمار التراث الثقافي وتنفيذ المشاريع الحيوية والهادفة التي تطرح بصمة عليها وأثر في قلوب أبناء المحافظة.