آخر تحديث :الخميس-06 فبراير 2025-02:48م
دولية وعالمية

"خطة ترامب بشأن غزة لن تتحقق، لكن لها عواقب"

الخميس - 06 فبراير 2025 - 12:17 م بتوقيت عدن
"خطة ترامب بشأن غزة لن تتحقق، لكن لها عواقب"
بي بي سي

إن خطة دونالد ترامب التي تقضي بـ"سيطرة الولايات المتحدة على" غزة وحيازتها، مع إعادة توطين سكانها خارج البلاد، عملية لن تتحقق، فهي تتطلب تعاون الدول العربية التي رفضتها.


وتشمل هذه الدول كل من مصر والأردن، الدولتين اللتين يسعى ترامب لاستيعاب فلسطينيي غزة فيهما، بالإضافة إلى المملكة العربية السعودية التي قد يتوقع منها تحمل الفاتورة.


ويعارض حلفاء الولايات المتحدة وإسرائيل في الدول الغربية هذه الفكرة أيضاً.


وقد يميل بعض الفلسطينيين في غزة إلى مغادرتها إذا سنحت لهم الفرصة.


ولكن حتى إذا غادر مليون فلسطيني، فإن ما يصل إلى 1.2 مليون غزيّ سيظلون في غزة.


ولإنشاء "ريفييرا الشرق الأوسط" كما يقترح ترامب بالاستحواذ على غزة، يُفترض أن تستخدم الولايات المتحدة القوة لإخراجهم منها.


لكن بعد التدخل الكارثي الذي شنته أميركا في العراق عام 2003، لن تحظى خطة ترامب بشعبية كبيرة في الولايات المتحدة.


ولاشك في أن خطة ترامب ستكون نهاية لأي بصيص من أمل متبقٍ فيما يتعلق بحل الدولتين. وهذا الطموح كان يتمثل في إمكان إنهاء صراع استمر أكثر من قرن من الزمان، بإنشاء دولة فلسطينية مستقلة إلى جانب إسرائيل.


وتعارض حكومة نتنياهو هذه الفكرة بشدة، وبعد سنوات من محادثات السلام الفاشلة، أصبح شعار "دولتين لشعبين" شعاراً أجوف.


ومع ذلك، فإن هذا الطموح كان ركيزة أساسية للسياسة الخارجية الأمريكية منذ أوائل التسعينيات.


كما أن خطة ترامب ستنتهك القانون الدولي أيضاً، وستتلاشى التأكيدات الأمريكية التي باتت باهتة بأنها تؤمن بنظام دولي قائم على القواعد والقوانين، ما يعزز طموحات روسيا الإقليمية في أوكرانيا والصين في تايوان.



* ماذا يعني ذلك بالنسبة للمنطقة؟

لم القلق إذن من كل هذا، إن لم يكن ذلك على وشك الحدوث، على الأقل بالطريقة التي أعلن عنها ترامب في واشنطن وهو يشاهد بنيامين نتنياهو مبتسماً والسعادة بادية عليه؟!


إجابة هذا السؤال هو أن تصريحات ترامب، مهما كانت غريبة، إلا أن لها عواقب.


فرئيس الولايات المتحدة، الذي يعد أقوى رجل في العالم، لم يعد مجرد مقدم برامج تلفزيونية واقعيّة أو طامح سياسي يسعى لتصدر العناوين.


على المدى القصير، قد يؤدي الاضطراب الناتج عن إعلان ترامب المفاجئ إلى إضعاف اتفاق وقف إطلاق النار الهش في غزة. وقد صرح مصدر عربي رفيع المستوى لبي بي سي بأن تصريحاته قد تكون "إيذاناً بنهاية" الاتفاق.


ومما لا شك فيه، أن غياب خطة لحكم غزة في المستقبل يمثل نقطة ضعف في الاتفاق.


والآن، قدم ترامب خطة، وحتى إن لم تتحقق، فإنها تضغط على أفكار الفلسطينيين والإسرائيليين بشكل كبير.



وستغذي خطة ترامب خطط وأحلام اليهود المتطرفين القوميين، الذين يعتقدون أن جميع الأراضي بين البحر الأبيض المتوسط ونهر الأردن، وربما أبعد من ذلك، هي ملكية يهودية وهبها الله لهم.


إن قادة هؤلاء المتطرفين هم جزء من حكومة نتنياهو ويؤيدون استمراره في السلطة، وهم مسرورون بخطة ترامب، لاسيما وأنهم يسعون لاستئناف حرب غزة طويلة الأمد تدفع نحو تهجير الفلسطينيين والاستعاضة عنهم باليهود.


وقد صرح وزير المالية بتسلئيل سموتريتش بأن ترامب قدم الإجابة حول مستقبل غزة بعد هجمات السابع من أكتوبر/ تشرين الأول.


وأضاف في بيان له: "من ارتكب أفظع مذبحة على أرضنا سيخسر أرضه إلى الأبد. والآن، سنعمل على دفن الفكرة الخطيرة المتمثلة في الدولة الفلسطينية أخيراً، بمساعدة الله".


من جانبهم، كان زعماء المعارضة الوسطية في إسرائيل أقل حماسة، ربما خوفاً من المتاعب المستقبلية، لكنهم رحبوا بالخطة.


وقد تشعر حركة حماس وغيرها من الجماعات الفلسطينية المسلحة بالحاجة إلى الرد على ترامب، باستعراض قوتهم ضد إسرائيل.


أما بالنسبة للفلسطينيين، فإن الصراع مع إسرائيل مرتبط بنزع الملكية والتشريد وذكريات "النكبة"، التي شهدت تهجير الفلسطينيين خلال حرب تأسيس دولة إسرائيل عام 1948.


ولقد فرّ أكثر من 700 ألف فلسطيني أو أجبروا على ترك منازلهم على يد القوات الإسرائيلية، ولم يُسمح بالعودة إلا للقليل منهم، وأصدرت إسرائيل قوانين لا تزال تستخدمها لمصادرة ممتلكاتهم.


والآن يخشى الفلسطينيون أن يتكرر هذا مرة أخرى.

ويعتقد العديد من الفلسطينيين بالفعل أن إسرائيل تستخدم الحرب ضد حماس لتدمير غزة وطرد السكان، وكان هذا سبباً وراء اتهامهم إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية. والآن قد يعتقدون أن دونالد ترامب يضيف ثقله إلى خطط إسرائيل.


* ما هو دافع ترامب؟

إن تصريحات ترامب ليست دائماً دليلاً على الحقيقة أو اليقين. فغالباً ما تكون تصريحاته أشبه ببداية مفاوضات عقارية أكثر من كونها تعبير عن سياسة ثابتة للولايات المتحدة.


ربما يهدف ترامب إلى نشر بعض الارتباك بينما يعمل على خطة أخرى.


ويقال إنه يتطلع إلى الحصول على جائزة نوبل للسلام. وصناع السلام في الشرق الأوسط، حتى عندما لا يحققون النجاح النهائي، لديهم سجل قوي في الفوز بهذه الجائزة.


وفي الوقت الذي كان فيه العالم يتداول ويعلق على تصريحات ترامب بشأن غزة، نشر هو على منصته "تروث سوشيال" رغبته في التوصل إلى "اتفاقية نووية سلمية مع إيران".


وعلى الرغم من إنكار الحكومة الإيرانية رغبتها في امتلاك الأسلحة النووية، إلا أن هناك نقاشاً مفتوحاً في طهران حول مدى التهديد الحالي الذي قد يجعلهم في حاجة إلى هذا الردع النهائي.


جدير بالقول هنا أن نتنياهو كان يريد لسنوات طويلة أن تدمر الولايات المتحدة، بمساعدة إسرائيل، المنشآت النووية الإيرانية، ولم يكن التوصل إلى اتفاق مع إيران جزءا من خطته.


وخلال فترة ولاية ترامب الأولى، خاض نتنياهو حملة طويلة وناجحة لإقناع ترامب بسحب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الذي وقعته إدارة باراك أوباما مع إيران.


وإذا كان ترامب يرغب في استرضاء اليمين الإسرائيلي المتشدد، مع التقرّب من الإيرانيين، فقد نجح في ذلك.


لكن في الوقت نفسه، خلق ترامب حالة من اللايقين، وعمّق من حالة عدم الاستقرار في أكثر المناطق اضطراباً في العالم.