إن الذي يراقب وضع بلادنا منذ بداية الحرب إلي يومنا هذا يرى أنه ينتقل من سيء إلى أسوء وفي جميع المجالات فمتى يستحق أهلنا وبلادنا نهايه لهذا الوضع وعودة السلام الذي أصبح هدف كل يمني ومتي يكون هناك حكومة يقبلها جميع أبناء الشعب اليمني ولا تكون مفروضة علية.
يواجه اليمن عدداً من الأزمات الداخلية والخارجيه والتي باتت تُشكّل هموماً إضافية تقع على كاهل المواطن اليمني أزمات سياسية وأمنية واقتصادية واجتماعية تُديرها نخبة حاكمة أثبتت فشلها في مقاربة هذه الملفات ضمن إطار مصلحة المواطن الذى لم يعد قادرا على الحياة الكريمه وهو ما تعكسه الفجوة الموجودة بين أصحاب السلطة والمواطنين اليمنيين هذا على الصعيد الداخلي بالإضافة إلى ذلك يعيش اليمن ضمن بيئة استراتيجية تواجه تحولاتٍ كبرى هي أكبر من اليمن وقدراته خصوصاً في ظل وضوح الاختلافات بين اليمنيين في ما يخص مقاربتهم للملفات الإقليمية بالنتيجة يعيش اليمن تحت وطأة سلطات حاكمة أثبتت فشلها في إدارة مصالح اليمن الداخلية والخارجية.
إن اعادة تصنيف جماعة انصار الله (الحوثيين ) منظمة إرهابية أجنبية يجعل الحديث عن السلام وتنفيذ أتفاق خارطة الطريق الذي تدعمه الأمم المتحدة مستحيلاً في الوقت الحالي وذلك للعديد من الاسباب أهمها القيود التى سيتم تنفيذها على التعامل مع صنعاء سواء من حيث الدعم الدولي او المدفوعات المالية التي سيتم الرقابة عليها وفرض العقوبات على من يتعامل ماليا مع صنعاء كما أن الموانئ والمطارات في الأراضي التي يسيطر عليها الحوثيون سيطالها الشلل والتوقف وسيظل الوضع في اليمن تحت الضغط والتصعيد المستمر خصوصا وان الإدارة الأمريكية الجديدة برئاسة الرئيس الأمريكي الجديد ترامب لديها سياسة قوية وصارمة تختلف عن الإدارات السابقة كما ان أثار هذا التصنيف سيجعل من الصعب على التجار الحصول على خطابات الاعتماد والتأمين لاستيراد كل شيء من الغذاء والوقود إلى السلع المنزلية وما إلى ذلك بالإضافه إلى انه سيحد من الموارد المتاحة للحوثيين وسيكون المتضرر الأكبر الشعب اليمني الذي سيعاني أكثر.
في ظل هذه الأوضاع وستكون الخيارات امام الحوثيين صعبة في مواجهة امريكا واذا قررو خوض معارك جديدة من خلال الاستيلاء على محافظات جديدة في الشمال والشرق لكسر القيود التي عليهم فإن المتوقع ان يكون هناك تحالف جديد ضدهم لكن السؤال الذي يبرز وبقوة هل تعود السعودية والإمارات في أطار هذا التحالف لضرب الحوثيين أم ان قرارهم بالابتعاد عن التدخل العسكري في اليمن اصبح نهائي ولا يريدون عودة الصراع المسلح مع الحوثي وسيتركون الامر للأطراف اليمنية والقوى الدولية المهتمة.
رغم ذلك يجري النقاش اليوم حول مستقبل اليمن واليمنيين صحيحٌ أن النقاش ليس بجديد لكنه بات يشغل بال الجميع خصوصاً المواطن اليمني وهو الأمر الذي لا يوضح فقط شعور المواطن اليمني بالخطر على مستقبله بل يوضح أيضاً حجم الفجوة بين خيارات المواطن والنخبة الحاكمة لكن اختلاف الظروف اليوم على الصعيدين الداخلي والخارجي يُضاف إلى ذلك الخلل في بنية الدولة والنظام في اليمن والفجوة الكبيرة بين من هم في السلطة والمواطن لها أسبابٌ كثيرة تفرض أن يكون النقاش حول مستقبل اليمن جدياً أكثر وهو ما يفرض تقديم مقاربة جديدة فما هي الإشكاليات التي تتعلق بالواقع في اليمن والتي باتت بحاجة لمعالجة وكيف يمكن مقاربتها بالشكل الذي يتلاءم مع تحديات اليوم ويُساهم في إنقاذ اليمن من الانزلاق الى الفوضي واندلاع حروب اهلية جديدة.
أن الاجواء العامة في هذه الفترة لا تبشر بخير علي مختلف الأصعدة بسبب تقييم التجربة اليمنية التى اثبتت أن الأحزاب والتيارات السياسية وعبر ممارستها تاريخياً للعمل السياسي دخلت في ازدواجية ولو بنسب متفاوتة وذلك لعدم قدرتها على تحقيق أغلب وعودها لا سيما الإصلاحية والتنموية وتغليبها المصالح السياسية الخاصة على المصلحة العامة وهو ما يُعبِّر عنه اليوم وبوضوح الواقع المُزري الذي يعيشه المجتمع اليمني بكافة مكوّناته والذي يُعتبر نتيجة لهذا النهج المُعتمد في الحكم والذي هو ترجمة للعقل الموروث لأصحاب السلطة والذي رسّخته قوى السلطة التي حكمت الدولة خلال السنوات الطويلة الماضية من أجل الحفاظ على مصالحها حتى اصبحت التعيينات في معظم المناصب قائمة على التقاسم والمحاصصة والمحسوبية للأقارب والأصحاب وعدم الالتفات لأي معايير عن القانون والكفاءة والمساواة في الحقوق وهذا مازاد من وجود فجوة كبيرة بين من هم في إدارة الدولة والمواطن اليمني.
المشكلات العميقة التي يعاني منها النظام في اليمن والتي تُعبِّر عنها تناقضات الطبقة الحاكمة واختلافها في قراءة مصالح المواطن وأولويات إدارة الثروة الوطنية لا يمكن أن تجتمع إلا ضمن إطار جديد يخدم مصالح اليمنيون كافة ويُحافظ على النسيج الداخلي اليمني وتماسك اليمنيون وهو ما يحتاج لتأسيس عقد وميثاق وطني يشمل المفاهيم الوطنية الجامعة والاهداف المشتركة والتي تدعم مفهوم الدولة وما يرتبط بها من معاني وقيم الدولة.
من هنا يجب التركيز خلال المرحلة المقبلة على التالي:
ـ أولا: ضرورة توجه الأحزاب والتيارات لإيلاء الأهمية للمقاربات العملية التي تعالج هموم المواطن اليمني بعيداً عن الشعارات ما يحتاج لإعادة النظر في الدور المطلوب من التيارات والأحزاب السياسية اليمنية في تطوير النظم الإدارية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية للدولة اليمنية.
ـ
ثانياً: تعزيز دور الحوكمة كمقدمة لإصلاح النظام اليمني واعتبارها حاجة ضرورية يفرضها الواقع البنيوي المُترهل للدولة اليمنية وضعف الخدمات تجاه المواطن اليمني ما يتطلب من الأحزاب ممارسة دور الرقيب على نشاط الدولة خدمة لمصالح المواطنين.
بالنتيجة يحتاج اليمن لتحولٍ تقوده الأحزاب والتيارات السياسية من خلال دورها الأساسي في ظل غلبة الأحزاب والمكونات السياسية والقبلية على نموذج إدارة الدولة في اليمن وهو توجهٌ استراتيجي تفرضه الواقعية السياسية المطلوبة في مقاربة بنية الدولة وطبيعة النظام اليمني لذلك يجب أن تقرر الأحزاب والتيارات والمكونات السياسية والقبلية إعادة النظر في نهجها تجاه المواطن كمقدمة لإعادة النظر في دورها لحماية مصالحه وهو ما يُشكل نقطة عبور المكونات السياسية من ممارسة دورها المُعتاد والذي رسخته العقلية الموروثة لهم في السلطه والهادف لتأمين استمراريتها في الحكم عبر السير ضمن مشاريع تُعزز من الواقع المُترهل للدولة وتضرب مصالح المواطنين نحو مشاريع تُعزز من نموذج الدولة الحديثة الذي يحمي مصالح المواطن وبالتالي يحمي مستقبل اليمن واليمنيون.
في تقديري أن مثل هذا لن يتم إلا من خلال الوعي والإدراك من جميع الاطراف والمكونات اليمنية بأهمية الحوار من أجل الوصول إلي حلول شاملة يكون هدفها بناء الدولة ووضع الأسس القويه في بقاءها من خلال بناء المؤسسات بشكل علمي ووطني بعيدا عن ممارسات الماضي المتخلفة في الإقصاء والقهر وعلي اليمنيين جميعا التماسك والضغط علي كل من أوصلهم الي هذا الحال فالعالم يتغير والشعوب تتغير وتطالب بحقها من أجل الأفضل لها في الامن والسلام والحياة الكريمة اما البديل فهو ان تكون اليمن ساحة مفتوحة لتصفية الحسابات الاقليمية وتأثيرات الاستراتيجيات الدولية في رسم مصالحها الدائمة.
* سفير بوزارة الخارجية اليمنية